السيد الإمام
الحاج روح الله الموسوي الخميني
(رضي الله عنه)
روح الله بن مصطفى ،بن أحمد الموسوي الخميني ،رجل دين ،وسياسي ، مؤسس جمهورية ايران الإسلامية ،ولد يوم الأربعاء ، 24 أيلول، سبتمبر 1902 ميلادي ، الموافق ل 22 جمادى الثاني 1320 هجري قمري ،في مدينة خمين ، الإرانية ، وتوفي يوم السبت 3 يونيو ، جوان 1989 ميلادي ، الموافق ل13 خرداد 1368 هجري شمسي ، الموافق ل29 شوال 1409 هجري قمري ، كان فيلسوفاً ،ومرجعاً دينياً ،و عارفاً صوفياً أيضاً، قاد الثورة الإسلامية في ايران ، حتى أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي ،المعروف بالبهلوي الثاني ،والذي سبقه الشاه رضا بهلوي، وكان كالأب الروحي لعدد كبير من المسلمين ،داخل إيران وخارجها ، وصفته مجلة التايم الأمريكية ،برجل العام في سنة 1979م .
خلفية عن عائلته :
هاجر أجداد السيد روح الله (رضي الله عنه) ،
من موطنهم الأصلي نيشابور ، الواقعة في الشمال شرق إيران ، بمقاطعة خرسان شمالي ،
قرب العاصمة الإقليمية مشهد ،وقد كانت نيشابور قديماً ، عاصمة لمقاطعة خرسان شمالي
، هاجروا من نيشابور ، إلى مملكة اوده ، الواقعة في شمال الهند ،والتي كان يحكمها ،حاكم
مسلم على مذهب آل البيت (عليهم السلام) ، من أصول فارسية ،وقد كانت دولة عودة أو
(اودة) تجذب ادباء فارس ،وعلماء اللغة ،والنحاة ،والمناطقة ، والفلاسفة ، والشعراء ،والمهندسين ،والفقهاء
،والقضاة ،والعرفاء ، وغيرهم من رجال الدين ،والعلماء ….
استقرت العائلة المهاجرة في قرية صغيرة ،تدعى
كنتور ،قريبة من العاصمة لناكو ، جد السيد الخميني ، السيد أحمد الموسوي الهندوري
، ولد في كنتور ،وكان معاصراً
،لآية الله حامد حسين الكنتوري ،اللكهنوي ، وبسبب الانتشار البريطاني في الهند ،اضطر
سيد أحمد ،لمغادرة الهند ، كان ذلك عام 1830م ، انتقل إلى مدينة النجف الأشرف ،العراقية
، حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ،وفي عام 1834م ، غادر سيد أحمد ،النجف
ليتجه إلى فارس ،ليستقر عام 1839 م ، في مدينة خمين ،تزوج في خمين لاحقاً ،فأنجب
ثلاثة بنات ،وثلاثة أبناء، وأحدهم كان السيد مصطفي ، أب الإمام السيد روح الله الموسوي
الخميني ، تزوج السيد مصطفی ،نحو سنة 1882م ، مع هاجر آغاخانم ، بنت آقا ميرزا أحمد ،وهو من
مدينة خونسار ، وكان أحد أولادهم السيد روح الله الخميني .
طفولته :
كان والده السيد مصطفى الخميني ،أحد علماء الإسلام
، حيث درس علوم الفقه في النجف لعدة سنوات ، عاصر السيد مصطفى الموسوي ، أب السيد روح
الله الخمیني ، المیرزا الشیرازي ، ودرس العلوم ،والمعارف الإسلامیة ،فی النجف
الأشرف ،لعدة سنوات، وبعد أن بلغ مرتبة الإجتهاد ، في مذهب آل البيت (عليهم
السلام) ، عاد إلى إیران ،لیقیم فی خمين ، و یصبح موجِّهاً للناس ، فی أمور دينهم
،و دینهم ، شد الرحال للإنتقال الى آراك، وعندما كان في طريقه من خمين ، إلى آراك ، اعترضه
مسلحون ،اطلقوا النار عليه ،وأردوه قتيلا ، وكان عمر السيد روح الله الخميني ، خمسة
أشهر آنذاك ، بعد اغتیال أبیه، امضى روح الله الخمینی طفولته فی أحضان والدته
(هاجر) ،من أحفاد محمد حسين الخوانساري ،صاحب (زبدة التصانیف) ، ورعایة عمته
(صاحبة خانم) ، حتى بلغ الخامسة عشرة من عمره ، فقَدَ هاتین الراعیتین ، بدء السيد
روح الله بدراسة القرآن العظيم ،قبل ذلك، وهو في السادسة من عمره ،وقد اهتم الخميني
بالدراسات الدينية ،وارتياد الحوزات العلمية ،حيث هاجر في 1919 م ،إلى آراك ، ليدرس
في حوزتها.
هجرته إلی آراك :
درس الخمیني جانباً ،من المعارف الدینیة
الشائعة في عصره ،ومقدمات العلوم ،والسطوح المعروفة في الحوزات الدینیة ،مثل آداب
اللغة العربیة ، والمنطق ،والفقه ،والأصول ، على أیدي أساتذة ،وعلماء ،منطقته ، (کالمیرزا
محمود افتخار العلماء ، والمیرزا رضا النجفي الخمیني ، والشیخ علي محمد البروجردي ،والشیخ
محمد الکلبایکاني ،وعباس الأراکي) ؛ وقبل هؤلاء أخیه الأکبر مرتضى ، بسندیده ـ
الذي امضى عنده أکثر وقته الدراسي ، سافر بعد ذلك ، عام 1919م ، إلى آراك لیواصل
دارسته الدینیة ،فی حوزتها .
هجرته إلى قم المقدسة :
بُعید انتقال الشیخ عبد الكريم الحائري ،
اليزدي ، مؤسس ،وزعیم الحوزة العلمية ،
في قم ، إلى هذه
المدینة، التحق ، السيد روح الله الخمیني ،بالحوزة العلمیة بقم المقدسة ، في أیلول
عام 1340 هـ.
حیاته العلمیة :
فطوى سریعاً مراحل دراسته التکمیلیة ،في
الحوزة العلمیة ،على أیدي أساتذتها ، کما أکمل دروس مرحلة السطوح ،على ید محمد تقي
الخوانساري، و علي الیثربي الکاشاني ، کذلك أتمَّ دروس خارج الفقه والأصول ،على
زعیم الحوزة العلمیة في قم ،الشیخ عبد الکریم الحائري الیزدي.
وتزامناً مع دراسته للفقه والأصول ،على أیدي
الفقهاء والمجتهدین، درس الرياضيات ، وعلم الهيئة ، والفلسفة ،على أبي الحسن
الرفیعي القزویني ، ثم واصل دراسته مع العلوم المعنویة ،والعرفانیة ،لدى المیرزا
علي أکبر الحکیمي الیزدي، کما درس علم العروض ،والقوافي ، والفلسفة الإسلامیة ،والفلسفة
الغربیة ،لدى الشیخ محمد رضا مسجد شاهي الإصفهاني ، ودرس الأخلاق ،والعرفان ،لدى
المیرزا جواد الملکي التبریزي، ثم درس العرفان النظري والعملي ، لمدة ستة أعوام ، عند
المیرزا محمد علي الشاه آبادي.
بعد وفاة الشیخ الحائري اليزدي ، مؤسس و
زعیم الحوزة العلمية في قم ، أثمرت الجهود التي بذلها روح الله الخمیني ،برفقه عدة
من المجتهدین فی الحوزة العلمية بقم ،في إقناع الشیخ حسين البروجردي ، للمجيء
إلی هذه المدینة ،وتسلم زعامة الحوزة العلمیة فیها ، وخلال هذه الفترة عُرف السيد الخمیني
،بصفة أحد المدرسین ،والمجتهدین ،وأولی الرأی ،في الفقه والأصول ، والفلسفة ،والعرفان
،والأخلاق.
مارس السيد الخمیني التدریس- خلال سنوات
طویلة ـ في حوزة قم العلمية ، فدرّس عدّة دورات في الفقه والأصول ،والفلسفة ،والعرفان
،والأخلاق الإسلامیة ، في کل من المدرسة
الفيضية ، والمسجد الأعظم ، ومسجد محمدیة ،ومدرسة الحاج ملا صادق ،ومسجد السلماسي ،
وغیرها، کما مارس تدریس الفقه ، ومعارف أهل البیت ، في الحوزة العلمیة ، بالنجف
الأشرف ، في مسجد الشيخ الأنصاري، لما یقارب الأربعة عشر عاماً. وفي النجف الأشرف
طرح ـ ولأول مرة ـ أسس الحکومة الإسلامیة ،عبر سلسلة دروس ،ألقاها في موضوع ولایة
الفقیه.
مرحلة النضال و الثورة :
شهد روح الله الخمیني (قدس سره) ،في طفولته
اغتیال والده نتیجة لدفاعه عن حقوقه ،وحقوق أهل منطقته ،ووقوفه في وجه الإقطاعیین ،
وعملاء الحکومة آنذاك ، و في الحقیقة کانت أسرة الإمام الخمیني ، معروفة بالهجرة
والجهاد في سبیل الله ،منذ القدم.
یستعرض السيد الخمیني بعض ذکریاته عن الحرب
العالمية الاولى ـ وکان حینها یبلغ من العمر اثني عشر عاماً ـ فیقول: "إنَّني
أتذکر کلتا الحربین العالمیتین. کنت صغیراً إلا أني کنت أذهب إلى المدرسة وقد رأیت
الجنود الروس فی المرکز الذي کان في خمین. رأیتهم هناك وأتذکر کیف تعرضت بلادنا
للإجتیاح في الحرب العالمیة الاولی ."
وفي موضع آخر یذکر الخمیني أسماء بعض
الإقطاعیین الذین کانوا یمارسون النهب والإعتداء على أعراض الناس وأموالهم مدعومین
من قبل الحکومة المرکزیة آنذاك: "کنت في الحرب منذ طفولتي ... فقد کنا نتعرض
لهجمات الأشرار من أمثال "زلقي"، وکانت عندنا بندقیة، أذکر أني کنت
أقارب البلوغ آنذاك فکنت أذهب مع البقیة لاتخاذ مواقعنا في الخنادق المعدّة للدفاع
ضد هجوم الأشرار الذین کانوا یقصدون الإغارة علینا. نعم کنا نذهب هناك ونتفقد
الخنادق ."
و یشیر في موضعٍ آخر: "لقد کنا مضطرین
إلی إعداد الخنادق في خمین ـ المنطقة التي کنا نعیش فیها ـ وکانت عندي بندقیة، غیر
أني کنت لاأزال حینها یافعاً لم أناهز الثامنة عشرة بعد، وکنت أتدرب على البندقیة
وأحملها. نعم
کنا نذهب للتحصّن في الخنادق ونواجه هؤلاء الأشرار الذین کانوا یغیرون علینا. لقد
کان الوضع متسماً بالفوضى والهرج والمرج، ولم یکن لدى الحکومة المرکزیة القدرة علی
السیطرة على الأوضاع وفجأة سیطروا على خمین ،فهبّ الناس لمواجهتهم وحملوا السلاح
وکنت من بین من حملوا السلاح ."
واصل الإمام الخمیني النضال طوال فترة
الدراسة بأسالیب مختلفة، بما فیها مقارعته للمفاسد الإجتماعیة والإنحرافات الفکریة
والأخلاقیة. ففي عام 1943 م، ومن خلال تألیف ونشره کتاب کشف الأسرار -عام 1944- قام السيد الخمیني بفضح جرائم فترة
العشرین عاماً من حکم رضا شاه- والد الشاه المخلوع - وتولى الرد علی شبهات المنحرفین
دفاعاً عن الإسلام ،وعلماء الدین. کما أثار في هذا الکتاب فکرة الحکومة الإسلامیة ،وضرورة
النهوض لإقامتها.
انطلق الخمیني في نضاله العلني ضد الشاه عام
1962 م، وذلك حینما وقف بقوة ضد لائحة مجالس الأقالیم ،والولایات، والتي کان
محورها محاربة الإسلام، إذ أن المصادقة على هذه اللائحة من قِبل الحکومة آنذاك
کانت تعني حذف الإسلام ،کشرط في المرشحین والناخبین، وکذلك القبول بحذف الیمین
الدستوریة بالقرآن. بید أنّ السيد الخمیني قام بمعارضة هذه اللائحة، ودعا المرجعية
الدينية ، في الحوزات العلمیة وأبناء الشعب للإنتفاضة والثورة.
وبسبب إرسال برقیات التهدید التي بعثها السيد الخمیني إلى رئیس الوزراء لذلك
الوقت، وخطاباته ضد حکومة الشاه ، وتأیید المراجع الدينية لمواقفه،
إنطلقت المسیرات الشعبیة الحاشدة ،في کلٍّ من مدینة قم ،وطهران ،والمدن الأخرى،
مما اضطُر نظام الشاه الى إلغاء اللائحة والتراجع عن مواقفه
اعتقاله و نفیه :
مواصلة النضال دفعت الشاه محمد رضا بهلوي ، لارتکاب
إحدى أخطائه التي تمثّلت في مهاجمة المدرسة الفيضية ، بمدینة قم المقدسة ،في الحادي والعشرین من آذار عام 1963 م، وما هي
إلاّ فترة وجیزة حتى انتشر خطاب السيد روح الله الخمیني ،وتصریحاته ،حول هذه
الفاجعة في مختلف أنحاء إيران ،وفي عصر الیوم العاشر من شهر المحرّم عام 1383 هـ
(3 يونيو1963 م) أشار الإمام الخمیني ،عبر خطاب حماسي، إلی العلاقات السرّیة
القائمة بین الشاه وإسرائیل ،ومصالحهما المشترکة. وفي الساعة الثالثة بعد منتصف
لیل ،الیوم التالي، حاصرت القوات الحکومیة الخاصة بیته، وتم اعتقاله وإرساله
مکبّلاً إلى طهران.
انتشر خبر اعتقال السيد الخمیني ،بسرعة في
مختلف أنحاء إیران. وبمجرّد أن سمعت الجماهیر خبر اعتقاله، نزلت إلى الشوارع منذ
الساعات الأولى من فجر الخامس من حزیران 1963 مـ ، وراحت تعبّر عن استنکارها لعمل
الحکومة في تظاهرات حاشدة، أعظمها تظاهرة مدینة قم ، التي شهدت أکبر هذه
الاستنکارات، والتي هاجمتها قوات النظام بالأسلحة الثقیلة، وکانت نتیجتها سقوط
العدید من المتظاهرین مضرّجین بدمائهم. ومع إعلان نظام الشاه الأحكام العرفية ، في
طهران ، إشتد قمع التظاهرات في تلك الأیام، حیث قتلت وجرحت قوات الحکومة العسکریة
الآلاف من المتظاهرین المدنیین الأبریاء. کانت هذه المذبحة في نهایة القسوة و
الشدة حتی أخذت أخبارها تتناقلها وسائل الإعلام العالمیة والمحلیة.
وأخیراً، ونتیجة لضغط
الرأی العام واعتراضات العلماء و الشعب، داخل البلاد وخارجها، إضطر نظام الشاه الى
إطلاق سراح السيد الخمیني بعد عشرة أشهر تقریباً من المحاصرة والإعتقال
مکافحة قانون الحصانة القضائية :
واصل السيد الخمیني جهاده عبر خطاباته
الفاضحة للنظام، وتصریحاته المثیرة للوعی. وفي هذه الأثناء تأتی مصادقة الحکومة
علی قانون الحصانة القضائية ،الكابيتالاسيون ،التي
تنص علی منح المستشارین العسکریین ،والسیاسیین الأمیرکیین ،الحصانة القضائیة. فما
إن اطّلع الإمام الخمیني ،على هذه الخیانة ،حتى بدأ تحرکاته الواسعة، وقام بإرسال
مبعوثیة إلى مختلف أنحاء البلد، ویعلن لأبناء الشعب عن عزمه بإلقاء خطاب فی
العشرین من یونیو عام 1963 مـ. ألقی السيد الخمیني خطابه الشهیر في الیوم الموعود
، دون أن یعبأ بتهدید النظام ووعیده. فانتقد لائحة الحصانة القضائیة، وهجم بشدة
على الرئیس الأمیرکی وقتئذ . أما نظام الشاه ،فقد رأى أنّ الحل الأمثل یکمن فی نفي
السيد روح الله الخمیني إلى خارج إیران. ومرة أخری حاصرت المئات من القوات الخاصة
والمظلیین بیته، وذلك فی سَحَر الیوم الثالث من التشرین الثاني عام 1964 م. وبعد
اعتقاله، اقتید مباشرة إلى مطار مهرآباد بطهران ، تم نفیه أولاً إلى مدینة أنقرة ،
بترکیا ، ومن ثم إلى مدینة بورسا الترکیة. وقامت قوات الأمن الإیرانی والترکی
المکلّفة بمراقبته، ومنعه من ممارسة أي نشاط سیاسي أو اجتماعي ، ثم نفي الى مدينة
باريس بفرنسا ….
من مؤلفات السيد الخمینی :
|
وفاته :
وتوفي الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني
(رضي الله عنه) ،يوم السبت 3 يونيو ، جوان 1989 ميلادي ، الموافق ل13 خرداد 1368
هجري شمسي ، الموافق ل29 شوال 1409 هجري قمري ، ودفن بمقبرة جنة الزهراء ،بمدينة طهران
الإرانية ، و طهران هي عاصمة الجمهورية
الإسلامية الإرانية ،حضر الجنازة ملايين الأشخاص ، حيث كان أكبر تشييع عرفته إيران
ذاك الوقت ، وله ضريح معروف في مكان دفنه في مقبرة بهشت زهراء ( جنة الزهراء)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق