بحث هذه المدونة الإلكترونية

.

.

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

المجتهد الأكبر _ السيد محسن الأمين العاملي (رضي الله عنه)







المجتهد الأكبر
السيد محسن الأمين العاملي
(رضي الله عنه)
 (1284 هـ - ق _ 1371 هـ - ق)
 (1865 م – 1952 م)





هو السيد أبو محمد الباقر ،محسن الأمين ، العلوي الفاطمي ،الهاشمي الحلي ،العاملي ،الشقرائي ، نزيل دمشق ، لقب ،بالمجتهد الأكبر ،وهو من كبار علماء الجعفرية ، لبناني الأصل ،من قرية شقراء ،وهي قرية من قرى قضاء بنت جبيل ، بجبل عامل ، جنوب لبنان ، وهو علوي النسب ،يرجع نسبه الى الإمام الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ،ولد (رضي الله عنه) ،عام 1284 هجري – قمري ، سنة 1865 ميلادي ،في عائلة شريفة معروفة بالصلاح والعلم ، وحبها لفعل الخير ،وخدمة المستضعفين .
وهو الذي تعددت منجزاته في مجالات وحقول شتى ومتنوعة ،ألف العديد من الكتب ،انتقل إلى مدينة دمشق مرجعاً وعالماً للمسلمين الإمامية ، وسكن في أحد احايئها في ، دخلة الشرفاء ،في الشارع والمحلة ،التي حملت اسمه فيما بعد (حي الأمينّ) ، قام بالعديد من الإصلاحات ،وفجر نهضة فكرية في العالم الإسلامي وفي عالم الإمامية خاصة ، من خلال كتاباته المتنوعة ، لا سيما سِفره الضخم ، أعيان الشيعة ، حارب العادات والتقاليد البالية ،وغيرها ليحل محلها ،التشريع الإسلامي الصحيح ، واهتم بإنشاء المدارس العصرية ، وكان له دورا مهماً ،ومشاركة فاعلة ،في الثورة السورية الكبرى.

نسبه :

هو السيّد محسن ،بن السيّد عبد الكريم ،بن العلامة الفقيه الرئيس ، السيّد علي الأمين العاملي ، بن الرئيس السيد محمد الأمين ،بن العلامة الفقيه الرئيس السيد أبي الحسن موسى ،بن العالم الفاضل الرئيس السيد حيدر ،بن العالم الفاضل السيد أحمد ، بن العالم السيد ابراهيم ، والذي ينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة ، بن زيد الشهيد ، بن الإمام علي زين العابدين السجاد ، بن الإمام الحسين السبط المصفى شهيد كربلاء ، بن أمير المؤمنين وامام المتقين ومولى الموحدين الإمام علي بن أبي طالب ،قائد الغر المحجلين (عليهم سلام الله أجمعين ).

 

عشيرته :

 

أصل عشيرته ،آل الأمين ،وهي عشيرة عراقية الأصل من مدينة الحلة الفيحاء ،وكانت تعرف في القديم بقشاقش ،أو قشاقيش ،وهذا تصحيف للأقساسي ،نسبة الى أقساس بن مالك ،قرية قرب الكوفة .

والأقساسيون ،طائفة كبير ،هم من ذرية ،الحسين ذي العبرة ،وينسبون الى هذه القرية ،ثم عرفت هذه العشيرة ،بآل الأمين ،نسبة الى جدهم السيد محمد الأمين ، بن السيد أبي الحسن موسى ، فصار يقال لذريته ، آل الأمين .

 

نشأته :

 

ترعرع السيد محسن الأمين (رحمه الله) ،في كنف عائلة متدينة ،علمية صالحة ،تحفه رعاية والده التقيّ الصالح ، الصوّام القوّام ، البكّاء من خشية الله ،السيد عبد الكريم (رحمه الله) ، وتحتضنه أمه ، ابنة العالم الصالح ، الشيخ محمد حسين فلحة الميسي ، و التي كانت من فضليات نساء ، عاقلة صالحة ، ذكية مدبّرة ، عابدة مواظبة على الأوراد والأدعية ، كان لابويه الفضل الأكبر في تربيته ،وتفريغه لطلب العلم ، وحثه على‏ ذلك ،ومراقبته في سن الطفولة ،وقد توفي والده سنة 1315 هـ - ق ،في النجف الاشرف ودفن بها ،اما والدته ،فقد توفيت في حدود سنة 1300 هـ - ق .

 

أولاده :
هم : السيد حسين الأمين ، رحالة ،أديب ومؤرخ ، والسيد هاشم الأمين ، والسيد عبد المطلب الأمين ، والسيد جعفر الأمين ، والسيد محمد باقر الأمين .

دراسته :

 

التحق السيد محسن الأمين (رحمه الله) ،بالمدرسة في سن مبكرة ، ودرس مبادئ القراءة ،والكتابة ،وعندما بلغ سنّ السابعة من عمره الشريف ،قامت امه الفاضلة ،بتعليمه القرآن الكريم ، ثمّ أتقن الخطّ العربي بمدّة وجيزة ،عند بعض فضلاء العائلة ،وبعد أن ختم القرآن المجيد ،تعلّم علمي النحو والصرف ، فأخذ بحفظ الآجرومية وإعرابها وأمثلتها ، ثم بدأ بقراءة كتاب قطر الندى لابن هشام ،وشرح التفتازاني في التصريف ، على يد السيد محمد حسين الأمين ، وبعد إكمال قراءة كتب اللغة والنحو ، انتقل إلى بنت جبيل للدراسة على يد الشيخ موسى شرارة ،وفي عام 1308 هجري - قمري ، وبعد إكماله المقدّمات ، سافر إلى العراق ، لإكمال دراسته الحوزوية ،رغم ظروفه الصعبة ،و بعد عودته من العراق ،أقام في جبل عامل ،وأنشأ مدرسة هناك ، لتدريس العلوم الحوزوية ، من نحو ،وصرف ،وبيان، وعلم المنطق، وعلمي الأصول والفقه ، واستمر في الدراسة عند الشيخ موسى شرارة ، (رحمه الله) ،الى أن انتقل هذا الشيخ الفاضل الى رحمة ربه ،ولم يكمل السيد محسن الأمين (رحمه الله) بعد ،دراسته لمبحث الاستصحاب في كتاب المعالم في الاصول .

 

أساتذته :

 

من أساتذة السيد محسن الأمين (رحمه الله) ،الشيخ محمّد طه نجف ، والشيخ فتح الله الإصفهاني ،المعروف بشيخ الشريعة ،والشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند ،والشيخ رضا الهمداني ،وابنا عمّه السيّد محمّد حسين ،والسيّد علي ،والشيخ محمّد حسن المامقاني ، والشيخ محمّد باقر النجم آبادي ، والسيّد فضل الله العاملي ، و السيّد أحمد الكربلائي ،والشيخ موسى شرارة ،والسيّد جواد مرتضى .

 

تلامذته :

ومن تلامذته (رضي الله عنه) : السيّد مهدي ،والسيّد حسن آل إبراهيم العاملي ،والشيخ علي بن الشيخ محمّد مروة العاملي ،والشيخ خليل الصوري ،وابنه الشيخ مصطفى الصوري ،والشيخ علي الصوري ، والسيّد أمين ابن السيّد علي العاملي ،والشيخ عبد اللطيف شبلي العاملي ، وبن عمّه السيّد حسن الأمين ،والأُستاذ أديب النقي الدمشقي ، والشيخ منير عسيران .

العلماء المعاصرون له في النجف :

من الفرس :

الشيخ ملا كاظم الخراساني ،والشيخ آقا رضا الهمداني ،والسيد كاظم اليزدي ،والميرزا حبيب الله الرشتي ،والميرزا حسن بن الميرزا خليل الطهراني .

ومن الترك :

الشيخ حسن المامقاني ، والملا محمد الشهرابياني .

ومن العرب :

النجفي الشيخ محمد طه نجف ،والشيخ حسين مغنية ،والشيخ علي رفيش ،والسيد محمد محمد تقي الطباطبائي آل بحر العلوم ، والشيخ عباس الشيخ علي ....وغيرهم .

 

مؤلّفاته :

 

أعيان الشيعة ،ونقض الوشيعة ،في الردّ على كتاب الوشيعة لموسى جار الله ،والدرّة البهية في تطبيق الموازين الشرعية على العرفية ، والمجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية (عليهم السلام) ، وكشف الارتياب في أتباع محمّد بن عبد الوهّاب ،والبحر الزخّار في شرح أحاديث الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ،والدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد (عليه السلام) ،وأصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثأر ، وعين اليقين في التأليف بين المسلمين ،وكشف الغامض في أحكام الفرائض ،والدرّ المنظّم في مسألة تقليد الأعلم ،ولواعج الأشجان في مقتل الحسين (عليه السلام) ،وجناح الناهض إلى تعلّم الفرائض ، والقول السديد في الاجتهاد والتقليد ،وحذف الفضول عن علم الأُصول، وعجائب أحكام أمير المؤمنين (عليه السلام) ،وإقناع اللّائم على إقامة المآتم ،والمنيف في علم التصريف ،وتاريخ جبل عامل ،وصفوة الصفوة ، ومفتاح الجنات في الأعمال والأدعية والزيارت ...  

 

سفره الى سوريا :

 

  بعد أن استكمل السيد محسن الأمين ، دراسة للعلوم الدينية ، انتقل إلى سوريا ؛ للإرشاد والتعليم ،ونشر تعاليم الدين وترسيخ اسس وثوابت الإسلام الأصيل ،والترويج لثقافة أهل البيت (عليهم السلام) ، فاستقرّ في العاصمة دمشق، وأصبح جامعة كبيرة لوحده ،فانشأ جيلاً جديداً ،كان معه ،حرباً على ما أورثته الأجيال ،والسياسات المضلّلة الغاشمة ، من بِدَع وخرافات وأساطير ، شوّهت محاسن الإسلام ، وقوّضت سلطان المسلمين .

لقد طالب بالتعليم ،وتنوير الأفكار ،ومحاربة البدع ،والانحرافات ،ولايتمّ ذلك إلّا بالتعليم ،ففتح المدارس ،وأسّس مدرسة للبنات ، في الوقت الذي كان فيه الكثيرون يتحرّجون في تعليم الصبيان ، فكيف البنات ،ومع ذلك كانت مدارسه تُعلّم ، بالإضافة إلى جانب الشريعة ، مختلف العلوم العصرية ، واللغات الأجنبية ؛ لحاجة أبناء عصره لها ، تطبيقاً لفهمه العميق لحديث جدّه أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) :

(( لا تأدبوا أولادكم بأخلاقكم ،لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم )) .

 

موقفه من الاستعمار الفرنسي :

 

ما أن وضعت الحرب العالمية الأُولى أوزارها ،وأصبحت دمشق تحت الاحتلال الفرنسي ، حتّى بدأت معركته الأُولى ، وجهاده الأكبر ، مع حكومة الاحتلال الفرنسي ، التي كانت تدعوه إلى قبول مبدأ الطائفية ، في سوريا ، وشقّ عصا المسلمين إلى شطرين ، مهدّدة له تارة ، وملوّحة بالمال والمناصب الرفيعة تارة أُخرى .

فلم تلن له قناة ،ولن يُغري المال تلك النفس الكبيرة ،التي عرفت أنّ سرّ العظمة في العطاء ،لا في الأخذ ، وكيف يستطيع المنصب الديني الكبير الذي لوّح به المفوّض السامي الفرنسي أن يثنيه عن هدفه ، الذي نشأ وترعرع عليه ، فكانت كلمته في جميع مواقفه :

(( إنّما المؤمنون إخوة)) .

إضافة إلى الاستنكار والرفض ؛ لأنّه يؤمن بأنّه موظّف عند ربّه ، يؤدّي رسالته ، كما أمر بها ، لوجهه سبحانه تعالى، فلا يقبل أن يكون موظّفاً عند المفوّض الفرنسي يأتمر بأمره ، ويتحرّك بإشارته .

 

وفاته :

 

انتقل السيد محسن الأمين العاملي الحسيني ، (رضي الله عنه) ،الى رحمة ربه في  ليلة الأحد 4 من شهر رجب الأصب ، من سنة 1371 هجري - قمري . الموافق 30 من شهر آذار ،مارس سنة 1952 ميلادي ، بمدينة بيروت ،ونقل جثمانه الطاهر ،بتشيع مهيب إلى دمشق  ، بعد جهاد كبير ،وعمر مديد ، صرفه في خدمة الإسلام والمسلمين ،وحياة مليئة بالتضحيات والعطاء ، ودفن عند المدخل الرئيسي ، لمرقد عقيلة بني هاشم ،السيدة زينب ،بنت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، بريف دمشق ، في قرية راوية ، أو ما يعرف اليوم بالست ، إحدى ضواحي دمشق ، وإلى جانب دواته وأقلامه .








السبت، 18 أكتوبر 2014

العلامة السيد _ محمد سعيد الحبوبي (رضي الله عنه )







العلامة السيد
محمد سعيد الحبوبي (رضي الله عنه )
 (1266 هـ - ق – 1333 هـ - ق)




هو السيّد أبو علي ،محمّد سعيد ،بن محمود ،بن قاسم الحسني الحبّوبي، وهو من كبار علماء عصره وأشهرهم ، كان فقيه كبيراً، وأديب فطحلاً، وشاعر مبدعاً ، ولد (رضي الله عنه) ، في اليوم الرابع من شهر جمادى الثانية من سنة (1266) هجري – قمري ، بمدينة النجف الأشرف ، في اسرة عربية محافظة ،معروفة بالصلاح والعلم وحبها لفعل الخير ،يرجع نسبها الى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) ، بن أمير المؤمنين ومولى الموحدين وامام المتقين ، الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) .

 

نشأته ودراسته :

 

نشأ السيد محمد سعيد الحبوبي (رحمه الله) ،مطبوعاً على حب الخير ، وكان مثالاً للخلق الرفيع ، والنفسية العالية ، مهتماً بالعلم والأدب ، فتوجهاته الفكرية والأدبية ، تدل على ذكائه ،ونبوغه ، اتجه صوب المجتمع ،فكان ولوعاً بتكوين الحلقات الأدبية ،التي تصقل المواهب وتثيرها ، وكان يغرد بألوان من الشعر ، لم يعهد لها مثيلاً من قبل ،في النجف الأشرف ،كان يحف المحافل والأندية ، بقطع من قلبه الرقيق وروحه الكبيرة ، واستطاع أن يتملك زمام إمارة الشعر، ويترأس الأندية التي ضمت النوابغ والفحول من أرباب الأدب، فانضوى تحت رايته أكابر الشعراء ، وانتسب إلى حضيرته معظم الأدباء .

امضى السيد محمد سعيد الحبوبي (رضي الله عنه) طفولته في رعاية ابيه ، السيد محمود الحبوبي (رحمه الله) ، ولما بلغ سن التعليم ، بدأ بتعلم القراءة والكتابة والخط ، ثم حفظ القرآن الكريم ، وبعدها استمر بدراسة مبادئ الادب ،وعلوم اللغة العربية ،هاجر مع ابيه وعمه الى الحجاز ،وقضى شطرا من حياته هناك ، في بلاد نجد ،بقي هناك عدة سنوات ، ثم عاد الى النجف الاشرف ،فعكف على دراسة علوم اللغة العربية ،ودراسة العلوم الدينية ، فحضر في الفقه والاصول عند الشيخ محمد حسين الكاظمي ، والشيخ محمد طه نجف ،واطلع على العديد من الدواوين الشعرية والادبية ، كما اخذ يتردد على المجالس الادبية ،التي كانت منتشرة بالنجف الاشرف ،وفي العشرين من عمره الشريف ، نظم اول قصيدة في رثاء السيد رضا الرفيعي (رحمه الله) ،واستمر في نظم القصائد الشعرية الى أن اصبح من كبار الشعراء ، وكان له علاقات وطيدة مع شعراء المدن العراقية الاخرى ،وعلى الرغم مما كانت تضمه ، مدينة النجف الاشرف ،من فطاحل الشعر ،ونوابغ الادب ،الا ان السيد محمد سعيد الحبوبي (رحمه الله) كان من أبرزهم وأشهرهم وقد شهدوا له بالنبوغ والتقدم .

 

أساتذته :

درس السيد محمد سعيد الحبوبي (رضي الله عنه) عند خاله الشيخ عباس الأعسم ،و الشيخ محمّد الشربياني، والشيخ رضا الهمداني ، والشيخ موسى شرارة ، و السيّد مهدي الحكيم ، و أخذ درس الأخلاق والرياضيات ، عند العارف الكبير ، الميرزا حسين قلي ، ودرس الفقه والأصول ردحاً من الزمن ،عند الأستاذ الكبير ، الشيخ محمد حسين الكاظمي المتوفي سنة 1308 هجري – قمري  ،حيث كان هو المدرس العربي الوحيد في زمانه ، وبعد وفاته ، اختص بالحضور والدراسة ، عند فاضل عصره ،الشيخ محمد طه نجف ، فكان من أساطين من حضروا عنده ، وقد أيده الشيخ بكلمات كثيرة ، رَفعت منزلته بين الفضلاء ،وجعلته في الطبقة الأولى منهم ، وبعد وفاته ـ سنة 1323 هـجري ـ قمري ، لم يحضر عند أحد من كبار العلماء ، بل انقطع للتدريس ،والتأليف ،حتى أصبح يُعدّ في صدور العلماء المجتهدين ، يُرجَع إليه في المسائل العويصة .

 

من تلامذته :

السيّد محسن الطباطبائي الحكيم

 

جهاده ضد الإنجليز :

يعد السيد محمد السعيد الحبوبي (قدس سره) ،من ابطال الجهاد والنضال ، حيث قاد جيشا باسلا من ابناء العشائر العراقية لمقارعة الانكليز وكان تحت لواءه تسعون الف محارب.

إنّ تاريخ الحرب العالمية الأُولى خصّص صفحة مشرقة لجهاد السيّد الحبّوبي، وأفرد فصلاً لبطولته ،وعزمه الملتهب في حفظ كيان الإسلام والمسلمين ، فقد أعلن الجهاد ضدّ الاستعمار الإنجليزي في شهر محرّم الحرام من سنة 1333ﻫجري – قمري ، وخرج هو بنفسه ، رغم كبر سنّه ، والتحقت به الجموع المحتشدة من المؤمنين ، ومعظم عشائر الجنوب العراقي والأكراد ، وسار بهم إلى منطقة (الشعيبة) ،والتي كان يتواجد فيها الإنجليز ، فقاتل المحتلّين في معركة الشعيبة ، إلّا أنّ تفوّق الإنجليز بالسلاح ، أجبر المقاومين إلى الانسحاب بعد أن قدّموا تضحيات جسيمة من الشهداء .

وبعد أشهر اتّصل به القادة الأتراك وطلبوا منه رسم خطّة لإعادة الكرّة للجهاد عن طريق كوت الإمارة ، وهكذا كان ، فخاض السيد محمد سعيد الحبّوبي (رحمه الله) مع بقيّة العلماء والعشائر والجيش التركي معركة أُخرى ضدّ القوّات البريطانية الغازية، وكان النصر حليفهم هذه المرّة، إذ استطاعوا محاصرة الجيش الإنجليزي وأسر جميع أفراده وعددهم اثني عشر ألف رجل .

 

وفاته :

 

انتقل السيد محمد سعيد الحبوبي (رحمه الله) الى الرفيق الأعلى ،في اليوم الثاني من شهر شعبان سنة ( 1333 ) هجري – قمري ، الموافق لـ 23 خرداد سنة ( 1294 ) هجري – شمسي ، الموافق لـ 14 جوان (يونيو – حزيران) سنة (1915) ميلادي ، في مدينة الناصرية عند عودته من المعركة ، ودُفن في الصحن الحيدري للإمام علي (عليه السلام) بمدينة النجف الأشرف .










مرجع الطائفة _ الإمام السيد محسن طباطبائي الحكيم (قدس الله روحه)





مرجع الطائفة
الإمام السيد محسن طباطبائي الحكيم
(قدس الله روحه)
(1889 -1970 ميلادي)_(1306 – 1390 هجريقمري)
 ( 1268 1349 هجري – شمسي )






هو الفقيه السيد محسن طباطبائي الحكيم (قدس سره) ، ولد (رضي الله عنه) ، في شهر شوال من سنة (1306) هجري - قمري ،و(1268) هجري – شمسي ، و(1889) ميلادي ، بمدينة النجف الأشرف ، في اسرة علمائية عريقة ، معروفة بالصلاح  والتقوى ، يرجع أصلها الى منطقة ، جبل عامل ، بجنوب لبنان ،ويصل نسبها الى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) .
ابوه : السيد مهدي الحكيم (رحمه الله) من مدرسي علم الأخلاق ،والمعروفين في زمانه ، وأما أمه ، فهي حفيدة الفقيه ، عبد النبي الكاظمي (رحمه الله) صاحب كتاب تكملة الرجال .

نسبه :
هو السيّد محسن بن السيّد مهدي بن السيّد صالح بن السيّد أحمد بن السيّد محمود بن السيّد إبراهيم بن الامير السيّد علي هو ابن السيّد مراد بن السيّد اسد الله بن جلال الدين بن حسن بن مجد الدين علي بن قوام الدين محمد بن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عباد بن أبي المجد أحمد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن السيّد إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنّى بن الإمام الحسن السّبط بن مولى الموحدين وامام المتقين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .

قصة لقب ( الحكيم ) :
سُميت هذه العائلة الشريفة بـ (الحكيم) ، نسبة الى أحد  أجدادهم وكان طبيباً بارعاً ،ناجحاً ومشهوراً ، اسمه "علي" ومنذ ذلك الزمن اكتسبت هذه العائلة الكريمة لقب (الحكيم) بمعنى الطبيب ، وأصبح لقباً مشهوراً لها .

اخوته :
السيد هاشم ، والسيد محمود .

أولاده :

للسيد محسن الحكيم (رضوان الله عليه) عشرة أولاد وأربع بنات ، أما البنون فهم :

السيد عبد الهادي ،والسيد عبد الصاحب ،والسيد علاء الدين ،والسيد محمد حسين ،والسيد عبد العزيز ،والسيد يوسف ،والسيد محمد رضا والسيد مهدي ،والسيد محمد كاظم ،والسيد محمد باقر .


دراسته :

أنهى السيد محسن الحكيم (قدس الله سره) دراسته الابتدائية ، ودراسة المقدمات في الحوزة العلمية ، ثم شرع بدراسة السطوح والسطوح والعليا ،عند أساتذة عصره ، و لما بلغ عمره عشرين سنة ؛ تتلمذ على يد كبار العلماء .

أساتذته :


من أساتذته (قدس الله سره) : السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ، والشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف بـ (الآخوند الخراساني) ،والشيخ ضياء الدين العراقي ،والشيخ أبي تراب الخونساري ، وشيخ الشريعة الأصفهاني ، والميرزا محمد حسين الغروي النائيني ، والسيد محمد سعيد الحبوبي ، والشيخ الجواهري ( قدس الله سرهم أجمعين ) .

مرجعيته :

نال السيد محسن الحكيم ، (قدس الله روحه) ، مرتبة الإجتهاد ، وبعد وفاة السيد أبو الحسن الاصفهاني ، (رضي الله عنه) ، وكان المرجع الثاني للجعفرية في العالم ، أصبح السيد محسن الحكيم ( رحمه الله) مرجعاً ، و بعد رحيل السيد حسين البروجردي ، (رضي الله عليه) ، تسلم  السيد ،المرجعية العامة للإمامية في عالم .

دوره في حوزة العلمية :


بعد أن تسلم السيد محسن الحكيم (قدس سره) ،المرجعية العامة للجعفرية في العالم ،أخذ بوضع نظام إداري للحوزة ، وشرع ببناء المدارس ،وإرسال المبلغين ،إلى نقاط مختلفة في العراق .
 وبهذا العمل ،ازداد عدد الطلاب في جميع الحوزات ، وأشرف على الكثير من المجلات الإسلامية ، التي كانت تصدر في ذلك الوقت .

تلامذته :

 

من تلامذته (رضي الله عنه) : نجله السيّد يوسف ،وسبطه السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم ،والشهيد السيّد محمّد باقر الصدر ،والسيّد علي الحسيني السيستاني ،والشيخ حسين وحيد الخراساني ،والشهيد السيّد محمّد رضا الموسوي الخلخالي ،والشهيد السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائي ،والسيّد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي ،والسيّد محمّد مهدي الموسوي الخلخالي ،والشيخ أبو الفضل النجفي الخونساري، والشهيد الشيخ مرتضى البروجردي ،والسيّد عزّ الدين الحسيني الزنجاني ،والشيخ ناصر مكارم الشيرازي ،والشهيد الشيخ أحمد الأنصاري ،والشيخ حسين الراستي الكاشاني ،والشيخ عبد المنعم الفرطوسي ،والشهيد السيّد أسد الله المدني ، والشيخ محمّد هادي معرفة، والشيخ قربان علي الكابلي ،والشيخ حسن البهبهاني.

مؤلّفاته :

 

ومن مؤلفاته (قدس الله سره) : مستمسك العروة الوثقى ، ومنهاج الناسكين ، وتحرير المنهاج ، وحقائق الأُصول ، وشرح التبصرة ، ودليل الناسك، ونهج الفقاهة، ورسالة في بعض المسائل المتفرّقة في الصلاة، وحواش على تقريرات السيّد الخونساري، وشرح كتاب المراح في علم الصرف، وتعليقة على كتاب رياض المسائل، ورسالة مختصرة في علم الدراية، وحاشية على كتاب الدرّ الثمين، وحاشية على الرسالة الصلاتية، وتعليقة على العروة الوثقى، ومختصر منهاج الصالحين، وحواش على نجاة العباد، ورسالة في سجدة السهو، وشرح تشريح الأفلاك، ومنهاج الصالحين.

مشاريعه :

 

من مشاريعه (رحمه الله) : تأسيس المكتبات العامّة في أنحاء العراق كافّة ؛ لنشر الثقافة الإسلامية ، وتوعية الشباب المسلم ، وحمايته من الانحراف والانجراف وراء الأفكار الهدّامة ، التي كانت ناشطة ومنتشرة آنذاك، وقد بلغ عدد تلك المكتبات أكثر من (70) مكتبة، وكان أكبرها مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف، التي كانت تحتوي على (30.000) كتاب مطبوع، وحوالي (5000) نسخة خطّية.
و بناء المساجد ،والتكايا ،والحسينيات ،في العراق ،ولبنان ،وسورية وباكستان ،وأفغانستان ،والمدينة المنوّرة، وجعلها مراكز دينية لإجراء العبادات، وإقامة الاحتفالات، ونشر الأفكار الإسلامية، وتوضيح المسائل والأحكام الشرعية، وتوضيح ونشر أفكار أهل البيت(عليهم السلام).
وتأسيس المراكز الثقافية الإسلامية في نقاط مختلفة من العراق.
و طباعة الكتب الإسلامية وإرسالها إلى مناطق مختلفة من العالم.
و إدخال مواد دراسية جديدة في الحوزة العلمية ، مثل : التفسير والاقتصاد ،والفلسفة ،والعقائد ، كما شجّع طلّاب العلوم الدينية على التأليف ،وأشرف على المجلّات الإسلامية التي كانت تصدر آنذاك مثل: الأضواء ، رسالة الإسلام ، النجف ،وغيرها .
وتأسيس المدارس العلمية لطلبة العلوم الدينية ، ومنها:
1ـ مدرسة شريف العلماء في مدينة كربلاء المقدّسة.
2 ـ مدرسة السيّد اليزدي في مدينة النجف الأشرف.
3 ـ مدرسة دار الحكمة في مدينة النجف الأشرف.
4 ـ المدرسة العلمية في مدينة النجف الأشرف.
5 ـ المدرسة العلمية في مدينة الحلّة.
6 ـ ومدرسة الأفغانيين والتبتيين.

محاربته الأفكار الشيوعية في العراق :

تغلغلت الأفكار الشيوعية بين اوساط الجماهير في العراق ايام السيد محسن الحكيم (رحمه الله) ،وقد طبّل الحزب الشيوعي لتلك الأفكار فاخذ كثير الناس يطالبون بتحقيق (العدالة الاجتماعية) في العراق ،وعلى اثر ذلك احس السيد بمسؤوليته تجاه الأوضاع ، فتصدى لتلك الأفكار التي يعتبرها الدين الإسلامي إلحادية ، وعمل على توجيه انتباه الناس إلى ان الإسلام وحده هو القادر على تحقيق العدالة الاجتماعية ،وقد اصدر لذلك بيانات عديدة ،الا انه وجد ان هذه الإنذارات المتكررة لا تجدي نفعا، وان النشاط الشيوعي آخذ بالتوسع والاستفحال وقد افتضح أمر الشيوعيين بعدما أقدموا بالتعاون مع أتباع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، على تنفيذ مجزرة بشعة ،في مدينة كركوك الشمالية ،فاصدر فتواه المشهورة (الـشيوعية كفر والحاد) ، مما أدى إلى تقويض نفوذ ذلك الحزب الكافر واجبر عبد الكريم قاسم ، رئيس وزراء العراق آنذاك ،على ابعاد افراد هذا الحزب عن الساحة السياسية ، وهرب نصير الشيوعيين آنذاك ، (ملا  مصطفى البرزاني)،  من العراق ولم يعد إليه ،إلا بعد إعدام عبد الكريم قاسم .

 

مواقفه السياسية :

 

كـان السيد محسن الحكيم (قدس سره) ،منذ ايام شبابه رافضا للظالمين واعداء الدين ، وقد شارك بنفسه في التصدي للاحتلال البريطاني الغاشم للعراق ، حيث كان مسؤولا عن المجموعة المجاهدة في منطقة الشعيبة في جنوب العراق ، وكان يعلم بالنوايا الخبيثة للاستعمار،عندما اخذ يتبع سياسة فرّق تسد في العراق . بذل السيد الحكيم (رحمه الله) قصارى جهوده في سبيل جمع شمل المسلمين من المذاهب المختلفة عن طـريـق المشاركة في كثير من الفعاليات التي كان يقيمها اهل السنّة ، مشجعا اياهم في الوقت نفسه على حضورهـم في المقابل بالمناسبات التي يقيمها الشيعة ، وعندما اخذ الحكام المرتبطون بالاجنبي بترويج افكار القومية العربية في العراق ؛ قام السيد بالتصدي لتلك الأفكار ، وقاوم كل اشكال التعصب والتمييز الطائفي ،والعرقي ،في العراق ، وخير شاهد على ذلك اصداره الفتوى المعروفة ،بحرمة مقاتلة الأكراد في شمال العراق ،لانهم مسلمون ، تجمعهم مع العرب روابط الاخوة والدين .
لهذا فقد فشل النظام العراقي في الحصول على فتوى شرعية من علماء الدين لمحاربة الأكراد في الشمال .
ومـن مواقفه السياسية الأخرى دعمه لحركات التحرر في العالم الإسلامي ، وعلى راسها حركة تحرير فلسطين ، واصدر بهذا الخصوص العديد من البيانات التي تشجب العدوان الصهيوني ،وتؤكد على ضـرورة الوحدة الإسلامية، لغرض تحقيق الهدف الاسمى، وهو تحرير القدس من ايدي الصهانية المعتدين .

دوره في حركة النهضة الإسلامية في إيران :

 

ان الإمام السيد محسن الحكيم (رضي الله عنه) ، كان من أكبر المدافعين عن النهضة الإسلامية في إيران منذ بدايتها على ايدي علماء الدين ، إثر صدور اللائحة القانونية لانتخابات المجالس العامة والمحلية ، التي استنكرها السيد محسن الحكيم ببرقية ارسلها إلى آية اللّه البهبهاني ،مطالبا علماء الحوزة العلمية بابلاغ النظام الشاهنشاهي بالامتناع عن اصدار هكذا قوانين ، والتي لا تنسجم مع الإسلام ، كما اصدر برقية أخرى بمناسبة هجوم عملاء نظام الشاه على المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة ، وطـلب فيها من العلماء الهجرة إلى النجف الاشرف ، كما استنكر سياسة القمع والإرهاب التي تعرض لها المؤمنون بعد انتفاضة 15 خرداد ،والتي فجرها الامام الخميني (قدس سره) ، و انذر نظام الشاه ، عـنـدمـا اراد تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة كبيرة من افراد الحركة الإسلامية ،الذين كانوا يرزحون في سجون الشاه .

 

صفاته وأخلاقه :

 

كان سمحاً ،عطوفاً ، يعامل الآخرين بلطف ، ولهذا السبب أصبح محبوباً ومُهاباً من قبل الجميع ، وكان شديد التواضع ، كان لا يستفيد في تأمين أُموره المعاشية على ما يحصل عليه من الأموال الشرعية ، بل كان يعتمد على الهدايا الخاصّة التي كان يرسلها إليه مقلّدوه ، إذ كانوا يعلمون أنّه لايصرف على احتياجاته الشخصية من الأموال الشرعية ،كان له برنامج دقيق جدّاً لحياته اليومية ، فهو لا يفرّط بالوقت ، ومَن عاش معه من الطلبة في النجف الأشرف ،يعرف جيّداً متى يذهب لموقابلته ،وفي أيّ ساعة ،كان له اهتمام كبير بإحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام)، وبالخصوص إحياء مجالس عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) ، إضافة إلى قيامه بالعبادات المستحبّة كالنوافل اليومية، والتهجّد بالليل ، وغير ذلك .
قال الشهيد السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائي (رحمه الله) :
 (لم يحدّث الفقيد الحكيم نفسه بالرئاسة يوماً من الأيّام ، لكنّي وجدت الزعامة والرئاسة هي التي وجدته لائقاً وجديراً بها ، وقد نقل لي أحد مقرّبيه بأنّه لم ير السيّد يوماً يضحك بصوتٍ عال ، وفي أشدّ الأحوال التي تدعو إلى الضحك وجدته مبتسماً لا أكثر ، بالإضافة إلى ذلك كان رجلاً فريداً من نوعه ، بالشجاعة في تلك الأيّام ، لا يهاب الرؤساء والسلاطين ، و لايتردّد في إصدار الفتاوى) .

وفاته :

 

انتقل السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس الله سره) الى رحمة ربه ،في يوم الإثنين السابع والعشرين من شهر ،ربيع الأوّل سنة ( 1390 ) هجري – قمري ، الموافق لـ ( 11 ) خرداد سنة ( 1349 ) هجري – شمسي ،الموافق لـ ( 1 ) جوان (حزيران يونيو) سنة ( 1970 ) ميلادي ،عن عمر يناهز 81 سنة ، واستغرق تشييع جثمانه الطاهر ، من العاصمة بغداد ، إلى مدينة النجف الأشرف ، مدّة يومين بموكبٍ مهيب ، ودُفن بمكتبته العامّة في النجف الأشرف .